00 971 54 410 0046

United Arab Emirates- Dubai-Latifa Towers, Sheikh Zayed Road, Office B2207

كيف تتعامل المحاكم الإماراتية مع قضايا الميتافيرس؟

في السنوات الأخيرة، أصبح الميتافيرس (Metaverse) من أبرز الابتكارات الرقمية التي أثرت في مجالات متعددة، من بينها القانون والقضاء. وباعتبار دولة الإمارات من الدول الرائدة في التحول الرقمي، فقد بدأت مبكراً في استيعاب هذه التقنية ضمن منظومتها القانونية والقضائية.

في هذا المقال الشامل، نستعرض كيف تتعامل المحاكم الإماراتية مع قضايا الميتافيرس، والتحديات القانونية المرتبطة به، والجهود التي تبذلها الدولة لتنظيم الواقع الافتراضي قانونياً.

الميتافيرس في القانون الإماراتي:

حرصت دولة الإمارات على تطوير بيئة قانونية متكاملة تواكب الابتكارات الرقمية، وفي مقدمتها الميتافيرس. وقد أطلقت دبي أول محكمة إيجارية افتراضية داخل الميتافيرس، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي، وتهدف إلى تسهيل الوصول إلى العدالة وتقليل زمن الفصل في القضايا العقارية.

توظيف التكنولوجيا في القضاء الإماراتي:

بدأت النيابة العامة في الإمارات في تطبيق الذكاء الاصطناعي والبلوكتشين ضمن آليات العمل القضائي، في إطار استراتيجيتها نحو التحول الرقمي. وقد تم الإعلان عن مشروع طموح يهدف إلى تقليص مدة التقاضي بنسبة تصل إلى 100% عبر الأنظمة الذكية، مما يمهد الطريق لمعالجة القضايا في بيئة الميتافيرس أيضاً.

التحديات القانونية التي تواجه القضاء في قضايا الميتافيرس:

رغم هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات قانونية معقدة أمام القضاء الإماراتي عند التعامل مع قضايا الميتافيرس، من أبرزها:

  • صعوبة تحديد الاختصاص القضائي: نظراً للطبيعة العابرة للحدود للميتافيرس، يصبح من الصعب أحياناً تحديد المحكمة المختصة بالفصل في النزاع.
  • إثبات الهوية القانونية للمستخدمين: يتطلب التعامل مع الأفراد عبر الواقع الافتراضي وسائل تحقق قوية تضمن موثوقية الهوية.
  • تنظيم العقود والمعاملات الرقمية: كثير من الأنشطة داخل الميتافيرس تعتمد على العقود الذكي (Smart Contracts)، ما يستلزم وجود تشريعات واضحة تنظمها.

وفقاً لتقرير نشرته مكتبة النيابة العامة في دبي، فإن هذه القضايا تتطلب إطاراً قانونياً جديداً يتماشى مع طبيعة الفضاء الرقمي الافتراضي.

الإطار التنظيمي للميتافيرس في الإمارات:

في إطار حرصها على تنظيم الابتكارات التقنية، أطلقت حكومة دبي دليلاً خاصاً لتنظيم استخدام الميتافيرس في الجهات الحكومية، ويهدف هذا الدليل إلى بناء بيئة رقمية آمنة وفعالة. وقد تم وضع معايير واضحة للاستخدام، تضمن حماية الخصوصية وحقوق المستخدمين داخل هذه البيئة الافتراضية.

تقترح دراسات حديثة، مثل الدراسة المنشورة في مجلة “Growing Science”، إنشاء إطار قانوني هجين يجمع بين عناصر القانون الواقعي والرقمي، لحل النزاعات الناشئة داخل الميتافيرس، وذلك عبر تفعيل المحاكم الذكية، والاعتماد على التحكيم الإلكتروني، والتشريعات الافتراضية المخصصة.

في النهاية، فإن التحولات السريعة في مجال التكنولوجيا تفرض على الأنظمة القضائية أن تكون مرنة ومواكبة، وهو ما تُجيده الإمارات باقتدار. من خلال مبادرات مثل المحاكم الافتراضية، وتحديث القوانين، وتبني حلول الذكاء الاصطناعي، تثبت الإمارات أنها ليست فقط قادرة على مواجهة التحديات القانونية للميتافيرس، بل تسير بخطى ثابتة نحو ريادة عالم القانون الرقمي.

– الدكتور المستشار “أحمد صابر صالح” محامي ومستشار قانوني متمرس يتمتع بخبرة واسعة في القانون التجاري، العقاري، والعمالي. عمل في أكبر مكاتب المحاماة بالإمارات، وهو عضو في نقابة المحامين المصرية ومحكم دولي معتمد. حاصل على ماجستير في القانون من جامعة المدينة بعجمان.

Table of Contents