(حق السجين في التواصل مع أبنائه عبر مكالمات الفيديو في الإمارات)
في دولة الإمارات العربية المتحدة، تُولي السلطات الإماراتية اهتماماً كبيراً للحفاظ على الروابط الأسرية بين النزيل وعائلته، وذلك إدراكاً لأهمية هذه الروابط في دعم الاستقرار النفسي والاجتماعي للنزيل. من بين المبادرات البارزة في هذا السياق، السماح للنزلاء من التواصل مع أبنائهم عبر خدمة مكالمات الفيديو، خاصة في الحالات التي يتعذر فيها اللقاء المباشر.
الرؤية الإلكترونية في أبوظبي:
في أغسطس 2017، أتاحت دائرة القضاء في أبوظبي لأطفال محضونين التواصل مع والدهم المسجون في سجن الوثبة عبر الانترنت، بعد غياب دام أربعة أشهر. تهدف هذه المبادرة إلى حماية مشاعر الأطفال وتجنيبهم دخول مراكز الشرطة أو السجون، مما يساعد في الحفاظ على الاستقرار النفسي للأطفال. أوضح المستشار يوسف سعيد العبري، وكيل دائرة القضاء بأبوظبي، أن الرؤية الإلكترونية تُعد وسيلة موازية ومكملة للرؤية المباشرة، وتُستخدم في الحالات التي يتعذر فيها التواصل المباشر، مثل حالة السجين أو المريض. كما أكد أن هذا الإجراء يهدف إلى تحقيق مصلحة الطفل في التواصل مع والديه ومتابعة حالته.
مبادرات التواصل المرئي في الإمارات:
في أبريل 2020، أطلقت المؤسسة العقابية والإصلاحية بشرطة الشارقة منصة “زيارة النزلاء عن بُعد”، والتي تتيح لأسر النزلاء التواصل المرئي مع ذويهم دون الحاجة للحضور إلى مقر المؤسسة. جاءت هذه الخطوة في إطار التدابير الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وتعزيزاً للمنظومة الأمنية باستخدام أحدث وسائل وتقنيات الاتصال. تم تطوير هذه الخدمة بالتعاون مع دائرة الخدمات الاجتماعية ودائرة الحكومة الإلكترونية بالشارقة، وتهدف إلى توفير قنوات تواصل آمنة ومجانية بين الأسر والنزلاء.
أهمية التواصل عبر مكالمات الفيديو:
تُسهم مكالمات الفيديو في تعزيز الروابط الأسرية بين النزلاء وأبنائهم، وتوفر وسيلة فعّالة للتواصل، خاصة عندما تكون الزيارات المباشرة غير ممكنة. هذا النوع من التواصل يدعم الصحة النفسية للنزلاء ويعزز شعورهم بالانتماء والمسؤولية تجاه أسرهم، مما قد يسهم في تحسين سلوكهم وإعادة اندماجهم في المجتمع بعد انتهاء فترة العقوبة.
التشريعات المنظمة:
يُحدد القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 بشأن تنظيم المنشآت العقابية في الإمارات حقوق وواجبات النزلاء، بما في ذلك حقوق الزيارة والتواصل مع العائلة. تنص المادة 23 من القانون على حق المسجون في مراسلة ذويه وأصدقائه واستقبالهم، وفقاً لما تقرره اللائحة التنفيذية. كما يُرخص لمحاميه في مقابلته على انفراد بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة المختصة.
تجارب دولية مشابهة:
على الصعيد الدولي، تتبنى العديد من الدول تقنيات التواصل الحديثة لتمكين النزلاء من التواصل مع عائلاتهم. على سبيل المثال، في سجن غزة المركزي، سُمح للنزلاء بالتواصل مع ذويهم المغتربين عبر مكالمات الفيديو، نظراً لصعوبة الزيارات المباشرة. هذه المبادرات تُظهر التأثير الإيجابي لمثل هذه التقنيات في دعم الروابط الأسرية وتعزيز الصحة النفسية للنزلاء.
تعكس مبادرة تمكين النزلاء في الإمارات من التواصل مع أبنائهم عبر مكالمات الفيديو التزام الدولة بدعم الروابط الأسرية والحفاظ على استقرار الأسرة، مما يسهم في إعادة تأهيل النزلاء وتهيئتهم للاندماج في المجتمع بعد انتهاء فترة العقوبة.
– المستشار الدكتور “أحمد صابر صالح” هو أحد الشركاء المؤسسين لمكتب “أميرة صقر” للمحاماة والاستشارات القانونية. يتمتع بخبرة قانونية واسعة تمتد لسنوات طويلة، حيث تخصص في مجالات متعددة من القانون، بما في ذلك القانون الجنائي، المدني، والأسري. يعمل الدكتور أحمد على تقديم استشارات قانونية متخصصة ومتميزة، مما جعله من الأسماء البارزة في الساحة القانونية.