"هل يحميك القانون؟ استخدام الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الخصوصية والمسؤولية في الإمارات”
في السنوات الأخيرة، خطت دولة الإمارات خطوات جريئة نحو التحول الرقمي، وكان الذكاء الاصطناعي (AI) في صميم هذا التحول. إذ اعتمدت الدولة هذه التقنية المتقدمة في مختلف القطاعات، من الجهات الحكومية إلى الشركات الخاصة، بهدف تحسين الكفاءة، وتطوير الخدمات، وتحقيق رؤية الإمارات المستقبلية.
لكن إلى جانب الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، برزت تحديات جديدة تتعلق بالخصوصية، وحماية البيانات، وتحديد المسؤولية القانونية. في هذا المقال، نستعرض استخدام الذكاء الاصطناعي في الإمارات، ونحلل تأثيره على الجوانب القانونية والأخلاقية، مع التركيز على التشريعات المحلية.
الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي الإماراتي:
تبنت الحكومة الإماراتية الذكاء الاصطناعي كجزء من "استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031″، والتي تهدف إلى جعل الدولة من بين الأوائل عالمياً في هذا المجال. من أبرز الخطوات:
- إطلاق أول منظومة تشريعية ذكية في الإمارات تعتمد على تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لتحديث التشريعات وتوقع آثارها.
- استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات العامة، مثل أنظمة الرد الذكي، والخدمات الرقمية التنبؤية.
الذكاء الاصطناعي في القطاع الخاص الإماراتي:
في القطاع الخاص، تسعى العديد من الشركات لتوظيف الذكاء الاصطناعي من أجل تعزيز تجربة العملاء، وتحليل البيانات، وأتمتة العمليات. ومن الأمثلة البارزة:
- وزارة الموارد البشرية والتوطين طبقت أنظمة ذكاء اصطناعي لإدارة تصاريح العمل والتوظيف، ما قلل من الأخطاء البشرية وزاد من كفاءة المعاملات.
الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي:
تشكل حماية الخصوصية حجر الزاوية في النقاش القانوني حول الذكاء الاصطناعي. أصدرت الإمارات قانون حماية البيانات الشخصية (PDPL) عام 2021، الذي يحدد الضوابط اللازمة لجمع ومعالجة البيانات.
وتضمنت هذه التشريعات مبادئ واضحة مثل:
- ضرورة الحصول على موافقة المستخدم قبل معالجة بياناته.
- ضمان أمان البيانات وعدم استخدامها لأغراض غير مشروعة.
- إنشاء المكتب الإماراتي لحماية البيانات للإشراف على تنفيذ القانون.
المسؤولية القانونية في استخدام الذكاء الاصطناعي:
تسعى الإمارات إلى صياغة أطر قانونية واضحة لتوزيع المسؤوليات وضمان حقوق المتضررين. ويُعد "ميثاق الإمارات لتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي” خطوة أساسية في هذا الاتجاه، حيث يشدد على المبادئ الأخلاقية والشفافية والمساءلة.
في النهاية، إن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإمارات يمثل ثورة حقيقية في العمل الحكومي والخاص، ويعكس طموحاً لا حدود له نحو المستقبل. ومع ذلك، فإن النجاح المستدام يعتمد على التوازن بين التقدم التكنولوجي، والحماية القانونية، واحترام الخصوصية. الإمارات اليوم أمام فرصة تاريخية لوضع نموذج عالمي رائد في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن، مسؤول، وعادل.
– الدكتور المستشار "أحمد صابر صالح” محامي ومستشار قانوني متمرس يتمتع بخبرة واسعة في القانون التجاري، العقاري، والعمالي. عمل في أكبر مكاتب المحاماة بالإمارات، وهو عضو في نقابة المحامين المصرية ومحكم دولي معتمد. حاصل على ماجستير في القانون من جامعة المدينة بعجمان